انكمش الاقتصاد السوري بشكل كبير، بنسبة تصل إلى 85%منذ اندلاع الثورة عام 2011، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي يقارب 68 مليار دولار في ذلك العام، ليصل اليوم إلى ما يقارب 9 مليارات دولار أمريكي فقط. هذا الانكماش الحاد رافقه دمار شامل للبنية التحتية، وتضخم مفرط في الأسعار، وانهيار في أسعار صرف العملة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة. تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف السكان السوريين يعيشون في فقر مدقع، وهو ما يضع تحديات كبيرة أمام أي جهود لإعادة الإعمار.
قبل أحداث الثورة، كانت العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا في أفضل حالاتها، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 617 مليون دولار في عام 2010. ومع تدهور الأوضاع في سوريا وفرض العقوبات الدولية على النظام السوري، تراجع حجم التبادل التجاري بشكل كبير، ليصل إلى 147 مليون دولار في عام 2022. وفي الأسعة الأولى من عام 2023، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 109 ملايين دولار فقط. كانت سوريا تمثل شريانًا اقتصاديًا مهمًا للأردن ومعبرًا حيويًا للصادرات الأردنية إلى تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، إلا أن ال?رب والعقوبات قلصت هذا الدور بشكل كبير.
دور الأردن في إعادة إعمار سوريا لا بد أن يكون للأردن دور رئيسي وحيوي في إعادة إعمار سوريا على جميع المستويات، لما في ذلك من منافع اقتصادية وأمنية كبيرة. من الناحية الاقتصادية، يمكن أن تفتح عملية إعادة الإعمار سوقًا جديدًا وكبيرًا مليئًا بالطلب على المنتجات والخدمات الأردنية، مما يسهم في زيادة إنتاج الشركات الأردنية ورفع وتيرة النمو الاقتصادي، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة.
على الصعيد الأمني، التعاون والتنسيق مع سوريا يمكن أن يسهم في إنهاء صناعة المخدرات التي كانت تُدار في سوريا برعاية رسمية، مما سيخفف من الضغوط الكبيرة التي يواجهها نشامى قواتنا المسلحة والأجهزة الأمنية في حماية الحدود.
ميزات الأردن التنافسية يمتلك الأردن ميزات تنافسية كبيرة تؤهله للعب دور بارز في إعادة إعمار سوريا مقارنة بدول مثل لبنان والعراق، التي تواجه تحديات اقتصادية وأمنية تمنعها من الاضطلاع بدور فعّال. بالإضافة إلى ذلك، الأردن يمتلك بنية تحتية قوية وخبرات لوجستية تمكنه من توفير الدعم لسوريا بشكل أكثر كفاءة من تركيا، التي قد تواجه صعوبات لوجستية وسياسية في هذا المجال، إضافة الى مشاكل بالسياسة النقدية ومستويات تضخم عالية جدا.
الأردن، بحكم موقعه الاستراتيجي ودوره المحوري، يمكن أن يكون لاعبًا رئيسيًا في إعادة إعمار سوريا، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية طويلة الأمد للمملكة.